"تفاحة الفردوسعيسى مخلوف :
زمن المشاكسة وإعادة صياغة الأسئلة الأساسية

 

 

"نحن في زمن إعادة الاسئلة وإعادة النظر في قيم المجتمعات وأحلامها وأساطيرها والسؤال الأساسي المطروح هو في المقام الأول سؤال إنساني" بهذه العبارة يمهد الكاتب والشاعر اللبناني المقيم في باريس عيسى مخلوف لكتابه "تفاحة الفردوس ."

مجموعة "تساؤلات حول الثقافة المعاصرة" كما هو وارد في العنوان الفرعي تختصر الكتاب الصادر عن "المركز الثقافي العربي" بغلاف زينته ريشة الفنان التشكيلي العراقي ضياء العزاوي.

(...) وعن تغير معنى الثقافة وضرورة أن تواكب التطورات العلمية يقول مخلوف إن "التقدم العلمي والتقني لا يمكن أن يغيب عن أي مشروع إبداعي اليوم والمعرفة باتت التحدي الأكبر أمام الشعر والإبداع في العالم راهنا."

ويحمل مخلوف، خاصة في الفصل الأول من كتابه، على الشاشة الصغيرة مؤكداً خطرها ومستشهدا بعالم الاجتماع الفرنسي الراحل بيار بورديو ليؤكد أن الشاشة الصغيرة "تعزز الميل إلى الإبداعات السهلة مع ما تفرضه من ابتذال وسطحية". بل يذهب إلى حد القول بـ"عولمة الابتذال" ويلاحظ أن الوضع الثقافي تراجع ليس فقط في البلدان العربية وبلدان العالم الثالث وإنما أيضا في الغرب وفي فرنسا التي تعتبر في موقع متقدم ثقافياً.

ويقارن الكاتب ما بين فرنسا الستينات حين كان يصنع الثقافة أشخاص مثل فوكو وسارتر ودي بوفوار وبارت ودريدا فيما بات يصنعها اليوم "مفكرون جدد من طراز برنار هنري ليفي واندريه غلوكسمان وآلان فينكيلكروت وغيرهم من نجوم التلفزيون ممن لا تنبع أهميتهم من الأفكار التي يطرحونها وإنما من مواقفهم السياسية."

ويقول مخلوف إن معادلة ديكارت "أنا أفكر إذن أنا موجود" انقلبت اليوم لتصبح "أنا اظهر على التلفزيون إذن أنا موجود."

ويطغى على الكتاب الهم المعرفي والنظري في عالم متحول تغيّر فيه المعنى الذي كان للثقافة عبر التاريخ وبات هذا المعنى هامشياً... واذ يستهل كتابه بصدمة "برجي مركز التجارة العالمي" في الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001، فهو يعتبر أن العالم يحتاج اليوم "إلى ما يتجاوز منطق البطش وذهنية الوسترن وثنائية الأخيار والأشرار عبر البحث عن الحلول الممكنة لتفادي المزيد من الكوارث وإرهاب الافراد والدول."

وفي فصل بعنوان "رامبو رحلة الشرق والغرب" يتبنى مخلوف من البداية عبارة هذا الشاعر الفرنسي "ينبغي أن نكون حديثين قطعاً"، ثم يحاور ما كتبه عن ارتور رامبو الشاعران العربيان أدونيس وصلاح ستيتية.

في هذا الفصل كما في فصل "شهرزاد ألف ليلة وليلة" والمقدمة التي وضعها لدليل معرض جبران الذي شهدته باريس قبل سنوات والمنشور في "تفاحة الفردوس" يحاول عيسى مخلوف تقديم إضاءات مختلفة وقراءات أخرى لما كتب حول رامبو وجبران. هذه المقاربة تبدو مختلفة أيضاً في قراءته لألف ليلة وليلة ولشخصية شهرزاد التي ينظر إليها بوصفها "خلاصة المكتسبات الثقافية والاجتماعية."(...)

 

هدى ابراهيم

")وكالة الصحافة الفرنسية"، الخامس من أيار/ مايو 2006(